يسلم علي بيده اليسرى .. فيده اليمنى إن تحركت ترتعش ..يزك بقدمه .. يسير حثيثا تحك قدماه الأرض و كأنه ينزلق على جليد.. يميل في سيره على الناحية اليمنى و لا يستطيع أن يستند على شىء، فيده اليمنى ضعيفة ،وكثيرا ما يسقط على هذه الناحية ،و يده لا تسعفه على الاحتفاظ بتوازنه ..كلامه بطىء متقطع ..حروفه متداخلة ..و نبرته منخفضة لا تتغير ..إلا إذا انفعل ..وجهه جامد نادرا ما تلمح شبه ابتسامة به .
سلب منه مرض الشلل الرعاش أحلى سنوات شبابه و حوله من طبيب ناجح إلى ركام .. يجلس في غرفته يقرأ..فقد طموحه و أماله .. يسكن مع أمه المسنة في دار المسنين فيؤنسان بعضهما البعض، .ملابسه رثة مهلهلة ..بلا ذوق ..صيفها كشتاءها ..تفكيره غير متجدد و أيامه متشابهة ..يخرج ليروح عن نفسه ويترك والدته وحدها – مؤقتا – بالدار.
أخبرني أنه في الأيام العشر الأخيرة سقط مرتين في الطريق ..اختل توازنه و خارت قواه فأصبح يرهب الخروج .اقترح عليه طبيبه تثبيت جهاز لتنظيم عمل الخلايا العصبية في الدماغ ..تعلق بالأمل لكنه لم يترك مخاوفه ..فالنتائج دائما غير مضمونة .
لقد أراد القدر أن تلازمه هذه الرعشة التي في يده سنين طويلة من حياته ..يده لم تعد ثابتة و كذلك قراراته و انفعالاته و طموحاته .. حتى أمانيه .أصبح يرهب كل شيء ولا يثق بشىء..
فالحياة عنده غير واضحة المعالم و المستقبل مجهول دائما ..يرى له صورة مهزوزة ترتعش أيضا .. مثل يده.
No comments:
Post a Comment