عندما أتم عامه السادس .. تلقفته يد فظة ليعمل في ورشة تطوع الزجاج :تقطعه وتصنفره ،فبعد وفاة والده لم يكن للأسرة معيل أخر غيره و اضطر أن يعمل هو ليوفر طعاما له و لأمه و أخيه الرضيع.يعمل منذ الصباح الباكر قبل شروق الشمس و يرجع عند غروبها .
كانوا يسكنون في بدروم عمارة ..لا تصله الشمس .. به فتحات صغيرة للتهوية ترتفع قليلا عن سطح الرصيف المجاور .
كان حلمه صغيرا مثله .. فرغم صعوبة الحياة و قسوتها لا زالت أفكاره بسيطة و أحلامه طفولية ..و كأنه رفض في عقله الباطن أن يعطي الحياة فرصة تشكيله و سلب برائته فينسى الحلم و يكره الواقع ..
كان يتمنى أن تزور الشمس بيته ..أي البدروم المظلم الذى لم ير فيه نور الشمس منذ أن ولد..
و يتسائل "متى تزورنا الشمس يا أمي ؟ اتمنى أن تفعل ذلك غدا "وينام في سكون بعد عناء يوم طويل .
نام الطفل الصغير و في نومه رأي الشمس تبتسم له في صفاء و تداعبه بضوئها فيحول عينيه عنها ثم يرجع و ينظر إليها بفرح ،يشيح بيديه و يغمي عينيه ثم يعود لينظر من جديد سعيدا.. فتبتسم له ثانية .
صحى من نومه و قد قرر أنه "غدا سوف تزورني الشمس !"
في اليوم التالي أسرع إلى عمله بورشه الزجاج و إختار قطعة زجاج مربعة ملساء و قصها..
و هذبها لتصبح مراة و صنع لها إطارا و رجع مهرولا و ثبت المراة في عامود إنارة مطفأ أمام العمارة لتنظر تجاه فتحات التهوية .. و نطق فرحأ "تفضلي أيتها الشمس ".عكست المراة نور شمس الصباح و راح البدروم كله يشع ضياءا و أضفت الشمس ظلالا و ألوانا على الحوائط المتربة ..و كشف الضوء الكثير و الكثير مما خفي من مكونات البدروم ..حزن على ما وجده في المكان من قذارة و لكنه عزى نفسه قائلا"الأن و قد دخلت الشمس بيتنا لا يحق للظلام أن يبقى .
No comments:
Post a Comment