Monday, December 27, 2010

البعبع

في صبيحة كل  يوم من أيام امتحانات الثانوية العامة ..يصحو واهنا .. يقف أمام المرآة ليغسل وجهه .. فيسرح قليلا ؛ بينما يبلل شعره بالماء .. ينظر إلى عينيه- و قد أحاطت بهما الهالات السوداء- و إلى وجهه الشاحب.. يتحسس ضرسه الذي يؤلمه من يوم لآخر ؛فيسد فمه بالمسكنات كي  لا يتأوه..
و يسأل نفسه : من سيعوض لي أحلى أيام الحياة و قد قضيتها بين الكتب و ساعات الدرس ؟ومتى سأجني حصيلة تعبي ؟
انه يواصل ليله بنهاره و هو على هذا الحال لشهور مضت ؛
 يخرج للدرس ثم يأتي ليذاكر حتى الساعات المتأخرة من الليل .. و ينام قلقا ليصحو مبكرا فيدير الساقية من جديد .
لقد ضحى به القائمون على العملية التعليمية في بلده قربانا على مذبح فشلهم ،بعد أن تفتقت أذهانهم بكل ما هو ضار له
 و لأقرانه و كل ما من شأنه أن يقترب بهم من حافة الهاوية
 و الفشل ،وكأنهم عرائس ماريونيت يتم تحريكهم  من عالم آخر ، و لولا العناية الإلهية و أسرته الطيبة لما تحمل كل ذلك، ،وكيف لا؟ وهو يسمع من حين لآخر عن زميل في مثل سنه انتحر لأنه فشل في امتحان ما و زميل آخر أصبح من مرتادي  المصحات النفسية لأنه عجز أن يحصل على المجموع الذي يسعد به أباه و أمه و يحقق به أمنيات نفسه البسيطة في الالتحاق بكلية الفنون الجميلة . و كثيرون غيره في مثل سنه فقدوا الهدف و يعيشون كما لقوم عادة ..لقد عجزت نفوسهم الضعيفة الغضة و عقولهم البكر أن تتحمل كل هذا الضغط  في هذه السن المبكرة .
فكر الشاب في كل هذا و هو يلبس ملابسه و حذائه و يجهز أدواته بين دعوات أبيه و أمه و أخته وهم يودعونه و يحثونه على الهدوء و التركيز في الامتحان بينما هو مستمر في أفكاره..هل يا ترى يستطيع أن يفعلها فيستريح قلب والديه ؟
انه يفكر في أصدقائه الذين ليس لهم أحد يهون عليهم القلق

 و الخوف من هذا (البعبع). يدخل غرفته  ليصلي ثم يركب السيارة مع أخيه الأكبر (ليقوده) إلى لجنة الامتحان ..خطواته بطيئة ..عينه تنظر إلى لا شيء..يضحك ظاهريا .. يترك كتبه عندما يقابل زملاءه أمام باب المدرسة .. إنهم يذيبون  همومهم  في بعضهم .. يتكلمون و يضحكون كي يتناسوا حالهم  و يطردوا الوهم و الخوف .."سيأتي الامتحان سهلا بإذن الله" هكذا قالوا لأنفسهم ..ثم يدق جرس الدخول للجنة الامتحان ..فيودع هو أخيه بنظرات قلقة عله يجد في عينيه سلاما ثم يحيد بنظره و جسمه عنه و يمشي متجها إلى مصيره . 

No comments:

Post a Comment