لم أقتنع به ..لكنني أجبرت على الزواج منه ..يعيش في دولة أوروبية.. دخله ممتاز..و أحواله ميسورة.عصبي المزاج..متقلب..و لكنه متدين....متزمت و لكنه حنون..لم أتخيل يوما أن أترك والدتي و أخوتي و أسافر.. تكلمت معه كثيرا..لماذا لا يرجع إلى بلده وينقل أعماله؟..قال لي أنه يعيش في بلد الأحلام .. كل شئ متوفر ..و ما يحلم به ليلا يحققه صباحا.
مرت السنون ..لم يرزقنا الله أطفالا..تزايدت الوحدة..فشلت أن أنمي علاقتي بالأخرين خصوصا مع اختلاف الثقافة..و زادني زوجي وحدة على وحدة..فحياته جافة وتعاملاته مع الاخرين مستفزة.أصبحنا منبوذين من عموم المعارف و الجيران..
في الأيام الأخيرة ..ازداد اضطرابي ..أحيانا أخاف من الناس و أحيانا أحاول أن أندمج معهم ..أن أتقرب منهم و أن أعرفهم ..أتخيلهم يبعدون عني و يتكلمون علي ..كانت سيدتان تمشيان معي ثم نظرتا إلي باستغراب..وتركتاني وحدي....لم تكن هي المرة الأولى التي أسمع فيها أصواتا و همسات ..أسمع صوت الباب وهو يغلق بقوة ..عند الجيران ..وشخص ينقر بأصابعه على الحائط المجاور..و يتكرر ذلك كثيرا..
عندما زادت الهلاوس تكلمت مع زوجي ..اتفقنا أن نستشير طبيبا نفسيا..عندما ذهبنا للطبيب و استمع مني ..طلب من زوجي الخروج..ابتدأت أن أتكلم عن حياتي و مشاعري ..و هي المرة الأولي التي أعبر فيها عن نفسي منذ حضرت لأرض الغربة ....حكيت له عن الأحلام التي أراها في نومي..الأرض الواسعة التي أقف فيها وحدي.. أمام نهر.. يقف زوجي على ضفته الأخرى....أمي و أخوتي فوقي.. كل منهم في سحابة منفردة ....
انقضت الجلسة و تلتها جلسات كثيرة ..طلب الطبيب زوجي في المرة الأخيرة ..و تكلم معه منفردا ...بعد أسبوع ..أراني زوجي تذاكر السفر قائلا "سنترك هذه الأرض و نترك أيضا احلامنا هنا .."